والظاهر أن المراد بالشبهة في كلام المؤلف هنا شبهة الاعتقاد؛ لأنه قال:«ونكاح فاسد».
فشبهة الاعتقاد كرجل طلق امرأته ثلاثاً وبَيْنَا هي نائمة، إذ أتاها رجل يظنها زوجته فجامعها، فهل تحل للأول؟ ما تحل؛ لأن هذا الوطء بغير نكاح.
قوله:«وملك يمين» يعني لو كانت زوجة الأول أمة فطلقها ثلاثاً وانتهت عدتها، فإنها تحل لسيدها؛ لأنه مالك لها؛ إذ إن تزويجها لا ينقل ملكها فإذا جامعها سيدها بملك اليمين، واستبرأها، أو أنها جاءت منه بولد وتركها فهل تحل لزوجها الأول الذي طلقها ثلاثاً؟ ما تحل للزوج الأول؛ لأنها ما تزوجت، والله يقول: ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ وهذه ما نكحت زوجاً.
وقوله:«ونكاح فاسد» وهو ما اختل فيه شرط من شروط الصحة، أو وجد فيه مانع من موانع الصحة، ولكن هل هو الباطل أو غيره؟ غيره، والفرق بينهما: أن الباطل ما أجمع العلماء على فساده، وأما الفاسد فهو ما اختلف العلماء في فساده، ولا فرق عندنا ـ في مذهب الحنابلة ـ بين الفاسد والباطل إلا في موضعين فقط: باب النكاح، وباب الحج؛ فإنهم يفرقون بين الفاسد وبين الباطل، يقولون: إن الحج الباطل ما حصل فيه مبطل كالردة مثلاً، فلو ارتد وهو في أثناء الحج ـ والعياذ بالله ـ بطل، والفاسد هو الذي جامع فيه قبل التحلل الأول، والنكاح، فالفاسد هو الذي اختلف فيه العلماء، والباطل هو الذي أجمع