للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حرام علي أن أطأ زوجتي، فظاهر كلام المؤلف أنه ليس إيلاء، ولكن الصواب هو القول الثاني في المذهب في هذه المسألة، وهو أن الحلف سواء بالله أو صفته، أو بصيغة حكمها حكم اليمين، فإن الإيلاء يثبت، والدليل على ذلك أن الله تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى أن قال: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ١ ـ ٢]، والأحاديث الواردة في هذا فيها أن الرسول آلى من نسائه شهراً (١)، هذا إذا قلنا: إنه حَرَّم نساءه، أما إذا قلنا: إنه حرم العسل كما هو الراجح، فإن الآية تدل على أن التحريم يمين من وجه آخر.

والحاصل أن الصواب في هذه المسألة: أن كل ما له حكم اليمين فإنه يحصل به الإيلاء، فإذا قال: لله عليَّ نذر أن لا أجامع زوجتي فهو إيلاء؛ لأن الله سمى التحريم يميناً.

وقوله: «على ترك وطء زوجته» كلمة «وطء» تخرج المباشرة بغير الوطء، فلو قال: والله لا أباشر زوجتي لمدة ستة أشهر، ونيته المباشرة دون الفرج، فليس بمولٍ فلا بد أن يحلف على ترك الوطء.

وقوله: «زوجته» احترازاً مما لو حلف على ترك وطء أمته، فإن ذلك لا يسمى إيلاء، وإذا لم يسمَّ إيلاء فهو يمين، لكننا لا نرتب عليه أحكام الإيلاء، وإنما نرتب عليه أنه إذا حنث كفَّر.

وقوله: «في قبلها» هل هذا قيد أو بيان للواقع؟ قيد؛ لأنه قد يحلف على ألا يطأها في دبرها، فإذا حلف ألا يطأها في


(١) أخرجه البخاري في الصلاة/ باب الصلاة في السطوح، والمنبر، والخشب (٣٧٨) عن أنس .

<<  <  ج: ص:  >  >>