للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفتتن به من شاء الله، فإنه يأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، فإذا تبعه أهل البادية فإنه ترجع عليهم إبلهم أسبغ ما تكون درّاً، وأوفر ما تكون سِمَناً، وإذا عصوه أو كذبوه أصبحوا ممحلين، تتبعه أنعامهم كأنها النحل (١)، هذا الدجال ـ والعياذ بالله ـ فتنته عظيمة، ولهذا أمر النبي من سمعه أن ينأى عنه، وقال: «إن الرجل يأتيه فيحسب أنه مؤمن، ثم لا يزال به حتى يفتنه، فمن سمع به فلينأَ عنه» (٢)، ففتنته عظيمة جداً، لكن أخبرنا نبينا أن معه جنة وناراً، ولكن جنته نار وناره ماء طيب عذب، ولكنه يموه على الناس، ولهذا سمي الدجال، ويمكث في الأرض أربعين يوماً، اليوم الأول كسنة، اثني عشر شهراً، والثاني كشهر، والثالث كأسبوع، والرابع كسائر أيامنا، ولما حدث النبي بهذا الحديث، قالوا: يا رسول الله اليوم الواحد يكفينا فيه صلاة واحدة؟ قال: «لا، اقدروا له قدره» (٣)، فبين الرسول أننا نصلي في هذا اليوم صلاة سنة كاملة، وفي هذا إبطال لقول أهل الفلك أن الأفلاك ما تتغير لا بانشقاق، ولا بتأخر، ولا بتقدم، وهذا بناء منهم على أنها أزلية، والأزلي أبدي لا يتغير، ولكنهم كذبوا فإن الأفلاك مخلوقة لله ﷿ يتصرف فيها كما يشاء .


(١) أخرجه مسلم في الفتن/ باب ذكر الدجال (٢٩٣٧) عن النواس بن سمعان .
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٤٤١)، وأبو داود في الملاحم/ باب خروج الدجال (٤٣١٩) عن عمران بن حصين .
(٣) رواه البخاري كتاب الفتن/ باب ذكر الدجال (٧١٣٠) ـ ومسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة/ باب ذكر الدجال (٢٩٣٤) (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>