للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «ولا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة» قد يقول قائل: إن ظاهر كلام المؤلف أن كل الكفارات فيها رقبة، وليس كذلك، وإنما مراده الكفارات التي تحرر فيها الرقبة، فلا يجزئ فيها إلا رقبة مؤمنة، ونحصيها: كفارة الظهار، وكفارة القتل، وكفارة اليمين، وكفارة الوطء في رمضان.

وقوله: «إلا رقبة مؤمنة» هذا من باب إطلاق الجزء على الكل، ولا يمكن إطلاق الجزء على الكل إلا إذا كان هذا الجزء شرطاً في وجوده، وهذه قاعدة مهمة، يعني ما يمكن أن تقول: أصبع؛ لأنه قد يزول أصبع والحياة باقية، وأما الرقبة فلو زالت يموت، ولهذا إذا عبر الله تعالى عن الصلاة بالركوع والسجود فهي واجبات فيها.

وقوله: «مؤمنة» هذا هو الشرط الأول، والمراد بالإيمان هنا مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق، وبينهما فرق، فالإيمان المطلق هو الكامل كالذي في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *﴾ [الأنفال]، وأما مطلق الإيمان فإنه يشمل من آمن وإن لم يكن على هذا الوصف، فيشمل الفاسق، فالمراد مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق.

ولننظر في الدليل على أنه لا بد من الإيمان في جميع الكفارات، كفارة القتل الإيمان فيها صريح منصوص عليه: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]، وفي كفارة اليمين قال: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: ٨٩]،

<<  <  ج: ص:  >  >>