للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «والأمة الحامل ولو استثنى حَمْلَها» الأمة الحامل تجزئ، وإن كان فيها شيء يمنع العمل، ويضر بالعمل ضرراً بيناً؛ لأن هذا مؤقت ومعتاد.

فإذا قال قائل: يعتقها وحملَها معها، نقول: ما يلزم، فلو استثنى حملها فلا حرج، فيقول: أنت حرة إلا ما في بطنك، فيجوز ويبقى الحمل حرّاً.

فإن قيل: الحمل مجهول، قلنا: هذا ليس معاوضة، فالشيء المجهول لا يجوز في المعاوضات؛ لأن باذل العوض مخاطر، وأمره بين الغنم والغرم، أما ما ليس فيه عوض فيجوز ولو كان مجهولاً، وسبق في البيع أن الإنسان إذا باع شيئاً واستثنى الحمل فالمذهب لا يصح، لكن الصحيح أنه يجوز؛ لأن الحمل معلوم، وليس شيئاً ينقص عين المبيع، بل هو منفصل، فكما لو باعها وهي حائل يصح، كذلك لو باعها وهي حامل واستثنى حملها، وقد سبق أنه يجوز وأوردنا عليه إشكالاً، وهو أن الرسول «نهى عن بيع الحمل» (١)، فكيف تجيزون الاستثناء؟

وأجبنا عن ذلك بأن استثناء الحمل في البيع استبقاء، وليس تجديد ملك، فأنا عندما أقول لك: بعتك هذه البقرة ـ وهي حامل ـ إلا حملها، فأنت ما اشتريت الحمل مني حتى تكون قد بذلت عوضاً في مجهول؛ وإنما هو استبقاء، وفرق بين الاستبقاء وبين المعاوضة، والحاصل أنه يجوز أن يعتق الحامل في الكفارة، ويستثني حملها، ويكون الحمل رقيقاً لسيدها.


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الغرر وحبل الحبلة (٢١٤٣)، ومسلم في البيوع/ باب تحريم بيع حبل الحبلة (١٥١٤) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>