الطعام في أول النهار، مأخوذ من الغدوة، والعشاء هو الطعام في آخر النهار، مأخوذ من العشي، فلو غدَّى ستين مسكيناً فإنه لا يجزئه، وكذلك لو عشاهم فإنه لا يجزئه، هذا ما ذهب إليه المؤلف، وهو المذهب؛ لأنه يشترط تمليكهم، والغداء والعشاء ليس فيه تمليك؛ لأن الإنسان في الغداء والعشاء لا يأخذ إلا ملء بطنه، فلا يستطيع أن يأخذ شيئاً، ولكن نقول: أين الدليل على التمليك، وفي القرآن الكريم إطعام عشرة مساكين في كفارة اليمين، وإطعام ستين مسكيناً في كفارة الظهار، وحديث كعب بن عجرة ﵁ خاص، ومن يستطيع أن يقول: إن غداءهم أو عشاءهم ليس إطعاماً؟! ولو قاله لرُدَّ.
فالصواب في هذه المسألة: أنه إذا غداهم أو عشاهم أجزأه؛ لأن الله ﷿ قال: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً﴾ ولم يذكر قدراً، ولم يذكر جنساً، فما يسمى إطعاماً فإنه يجزئ، وبناءً على ذلك فإذا غدَّاهم أو عشَّاهم أجزأه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، ويدل له أن أنس بن مالك ﵁ لمَّا كبر وعجز عن صيام رمضان، صار في آخره يدعو ثلاثين مسكيناً، ويطعمهم خبزاً وأدماً عن الصيام (١)، مع أن الله قال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] وهذا تفسير صحابي لإطعام المسكين بفعله.
واعلم أن الشرع في باب الإطعام ينقسم إلى ثلاثة أقسام: