للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «باللعان» «الباء» يحتمل أن تكون للسببية، أي: بسبب اللعان، وأن تكون للتعدية يعني يسقطه بكذا.

والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٦]، وكونها أربع شهادات بالله، الحكمة فيها واضحة؛ لأنها مقابل أربعة شهود، وقوله: ﴿بِاللَّهِ﴾ أفادت الآية الكريمة أن هذه الشهادة مقرونة بقسم؛ لأنه يقول: أشهد بالله، كأنما قال: أشهد مقسماً بالله، ولهذا سمَّاها الله ـ تعالى ـ شهادة، وسمَّاها النبي أيماناً؛ لقوله: «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» (١).

وعلى هذا فنقول: هذه الشهادة متضمنة للقسم، وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ﴾ ﴿أَنْفُسُهُمْ﴾ بدل من شهداء؛ لأن الجملة تامة منفية، وخبر ﴿يَكُنْ﴾ ﴿لَهُمْ﴾، ويصلح أن تكون ﴿يَكُنْ﴾ تامة يعني، ولم يوجد لهم شهداء، وبعضهم قال: ﴿إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ﴾ ﴿إِلاَّ﴾ صفة بمعنى «غير» كقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢] أي: غير الله، وقالوا: إن ﴿إِلاَّ﴾ تأتي بمعنى «غير» لكن ينقل إعرابها إلى ما بعدها، فتكون ﴿إِلاَّ﴾ صفة لـ ﴿﴾ لكن نقل إعرابها إلى ما بعدها، فظهر عليه، وهذا الخلاف في الإعراب لا يترتب عليه خلاف في الحكم.

والشرط الرابع: تكليف الزوجين، أي: أن يكون الزوجان


(١) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (١/ ٢٣٨)، وأبو داود في الطلاق/ باب في اللعان (٢٢٥٦) عن ابن عباس وأخرجه البخاري في التفسير/ باب ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ﴾ (٤٧٤٧) بلفظ: «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن».

<<  <  ج: ص:  >  >>