وقوله:«أمكن» فلا يشترط تحقق اجتماع الزوجين، يعني سواء تحققنا أنهما اجتمعا أم لم نتحقق، فما دام الأمر ممكناً فالولد له، وهذا قول بين أقوال ثلاثة، وهو مذهب الحنابلة.
القول الثاني: أنه يلحق به منذ العقد، سواء أمكن اجتماعه بها أم لم يمكن، وعلى هذا القول فإذا تزوج امرأة وهو في أقصى المشرق وهي في أقصى المغرب، ثم ولدت بعد العقد بنصف سنة فإنه يلحق به، ولو لم يسافر، يقولون: لأن المرأة تكون فراشاً بمجرد العقد ولا يشترط إمكان اجتماعهما، وهذا مذهب أبي حنيفة.
القول الثالث: أنها لا تكون فراشاً له حتى يتحقق اجتماعه بها ووطؤه إياها؛ لأنها فراش، وفراش بمعنى مفروش، ولا يمكن أن يفرشها إلا إذا جامعها، وعلى هذا القول إذا عقد عليها ولم يدخل بها، وأتت بولد لأكثر من ستة أشهر فليس ولداً له، وهذا القول هو الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ فما تكون فراشاً إلا بحقيقة الوطء وإلا فلا، كما أن الأمة ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ أنها لا تكون فراشاً لمالكها إلا إذا وطئها، وهذا كما أنه مقتضى الدليل اللغوي، هو مقتضى دليل العقل، فكيف يمكن أن نلحقه به، وهو يقول: أنا ما دخلت عليها ولا جئتها؟!
أما القول الثاني الذي يقول: تكون فراشاً له أمكن وطؤه أم لم يمكن، بل بمجرد العقد، فهذا أبعد ما يكون عن المعقول! والعجيب أنه مذهب أبي حنيفة، والأحناف ﵏ دائماً تكون مسائلهم الفقهية مبنية على النظر والعقل، لكن في هذه