للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الحديث: «الثلث والثلث كثير» (١)، وكانت النساء في الجاهلية يبقين في العدة سنة في أكره بيت، يضعون لها خباء صغيراً في البيت، وتقعد به بالليل والنهار، ولا تغتسل ولا تتنظف، وتبقى سنة كاملة، يمر عليها الصيف والشتاء، فإذا خرجت أَتَوْا لها بعصفور أو دجاجة أو غير ذلك لتتمسح به، ثم تخرج من هذا الخباء المنتن الخبيث، وتأخذ بعرة من الأرض وترمي بها (٢)، كأنها تقول بلسان الحال: كل الذي مَرَّ عليَّ ما يساوي هذه البعرة! لكن الإسلام ـ الحمد لله ـ جاء بهذه المدة الوجيزة، أربعة أشهر وعشرة أيام، ثم مع ذلك هل منعها من التنظف؟ لا، تتنظف كما شاءت، وتلبس ما شاءت غير أن لا تتبرج بزينة، ولا تتطيب كما سيأتي.

وهذه المدة سواء حاضت أم لم تحض، فلو كانت ممن تحيض وحاضت ثلاث حيض، فلا أثر لذلك، ولو كانت ممن لا يحيض في الشهرين إلا مرة ولم تحض إلا مرتين فإنها تنتهي عدتها بأربعة أشهر وعشرة أيام.

قوله: «وللأمة نصفها» يعني شهران وخمسة أيام.

فإن قال قائل: حق الزوج لا فرق فيه بين الأَمَة وبين الحرة، وأنتم تقولون: إن أربعة أشهر وعشرة أيام من أجل حماية حق الزوج، فأي فرق بين الأمة والحرة؟! ثم إن الآية عامة.


(١) أخرجه البخاري في الوصايا/ باب الوصية بالثلث (٢٧٤٤)، ومسلم في الوصية/ باب الوصية بالثلث (١٦٢٨) عن سعد بن أبي وقاص .
(٢) أخرجه البخاري في الطلاق/ باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشراً (٥٣٣٧)، ومسلم في الطلاق/ باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة … (١٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>