القول الثاني: أن اليأس منوط بالحال لا بالزمن، وأن ذلك يختلف باختلاف النساء، فمن النساء من تبقى إلى ستين سنة، وإلى سبعين سنة، وهي تحيض حيضاً مطرداً، فهذه ليست آيسة، وهذا هو الصواب؛ لأن اليأس في اللغة العربية ضد الرجاء، فمتى صارت المرأة في حال لا ترجو وجود الحيض، إما لكبر في السن، أو ضعف في البنية، أو لأي سبب من الأسباب، فإنها تكون آيسة ولا نقيدها بالسن؛ لأن الله ـ تعالى ـ ما قيدها بالسن، فلو أن امرأة لها خمسون سنة وتحيض في الشهرين مرة، فعلى المذهب إذا تم لها ثلاثة شهور ولو لم تحض إلا مرة يعقد عليها، وعلى القول الصحيح الراجح لا يعقد لها حتى يتم لها ثلاث حيض.
قوله:«فتعتد حُرَّة ثلاثةَ أشهر وأمة شهرين» يعني وتعتد أمة شهرين، يقولون: لأن الله جعل للحرة ثلاثة أشهر، أو ثلاثة قروء، وجعل لمن لا تحيض ثلاثة أشهر، ومعنى هذا أن لكل حيضة شهراً، وهذا هو الغالب، وللأمة حيضتان، فيكون لها عند اليأس أو الصِّغَر شهران؛ لأن البدل له حكم المبدل منه.
قوله:«ومبعضة بالحساب» مع أنه في التي تعتد بالحيض المبعضة كالحرة تعتد بثلاثة قروء، وهذا فيه شيء من التناقض؛ لأنك إذا قلت: الأمة شهران؛ لأن الأشهر مبنية على الحيض، فقل: المبعضة ثلاثة أشهر؛ لأن الأشهر مبنية على الحيض، وقد حكمنا بأن المبعضة تعتد بثلاث حيض، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن عدة المبعضة ثلاثة أشهر، وتعليله بأن الأشهر بدل عن القروء.