وقال بعض العلماء: نقدم التمييز على العادة ولو كانت تعلمها، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه ليس من المستبعد أنه لما جاءتها الاستحاضة تغيرت العادة، والتمييز إن طابق العادة فأمره ظاهر، لكن إن خالف العادة، بأن كانت عادتها من أول الشهر، لكن ما رأت التمييز إلا في نصف الشهر، فحينئذٍ يتعارضان، فهل نقدم التمييز أو نقدم العادة؟ فيه خلاف.
فمن العلماء من قال: نقدم العادة، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو ظاهر الحديث، فالرسول ﵊ أمر أم حبيبة بنت جحش ﵂ أن تجلس قدر ما كانت حيضتها تحبسها (١)؛ ولأنه أضبط وأسلم للمرأة من الاضطراب؛ لأن التمييز يمكن أن يأتي في هذا الشهر في أوله، وفي الشهر الثاني في وسطه، وفي الشهر الثالث في آخره، وربما يتغير عليها، فإذا قلنا: ارتبطي بالعادة صار ذلك أيسر لها وأسهل، وهذا ترجيحه واضح، وترجيح من يقول: إنه يرجع إلى التمييز ـ أيضاً ـ وجهه قوي؛ لأنه يقول: ما دام عندنا تمييز، فهذا دم ثخين أسود منتن، وهذا دم أحمر رقيق لا رائحة له، فكيف نقول: هذا استحاضة، والأول يُعرف؟!
الثالثة: إذا لم يكن لها عادة ولا تمييز، يعني ابتدأ بها الدم من الأول، واستمر معها على وتيرة احدة، فهذه لا عادة لها ولا
(١) أخرجه مسلم في الحيض/ باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (٣٣٤) عن عائشة ﵂.