قوله:«ما تقدم في ميراثه» والذي تقدم في ميراثه ـ على المذهب ـ إن كان ظاهر غيبته الهلاك انتظر به أربع سنين منذ فُقد، وإن كان ظاهر غيبته السلامة انتظر به تمام تسعين سنة منذ ولد، فإذا فُقد وله تسع وثمانون سنة وظاهر غيبته السلامة ينتظر سنة واحدة، وإن كان ظاهر غيبته الهلاك ينتظر أربع سنين، وكان مقتضى الأمر العكس، لكن هكذا ذكروا، واستندوا إلى آثار وردت عن الصحابة ﵃ في ذلك (١)، والآثار الواردة عن الصحابة ﵃ في ذلك قضايا أعيان، اقتضت الحال أن يقدروا هذا التقدير، وقضايا الأعيان لا تقتضي العموم؛ إذ قد يكون في القضية ما أوجب الحكم ونحن لا نعلم به، بخلاف دلالة الألفاظ فهي على عمومها، وهذه من قواعد أصول الفقه.
فمثلاً لو جاء شخص وسألنا، قال: إن ابني فقد، فقلنا: انتظر خمس سنين، عشر سنين، أربع سنين، فهل هذه القضية تكون عامة لكل عين؟ لا، في هذه العين نفسها فقط؛ لأنه من الجائز أن يكون المفتي نظر لهذا الشخص بعينه، فرأى أنه إذا مضت خمس سنين أو عشر أو أكثر تبين أمره، وربما يكون آخر يتبين أمره بأقل من ذلك، وربما يكون آخر يتبين أمره بما فوق ذلك، حسب حال الرجل، فلو أن وزيراً فُقِد، وعاملاً من العمال
(١) من ذلك ما أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٥٧٥) عن عمر ﵁ قال: أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو، فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل، وأخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ٢٣٧)، وعبد الرزاق (١٢٣١٧) عن عمر وعثمان ﵄، وأخرج سعيد بن منصور في سننه (١٧٥٦)، والبيهقي (٧/ ٤٤٥) عن ابن عباس وابن عمر ﵃ مثل ذلك، وصحح أسانيدها الحافظ في الفتح (٩/ ٣٤٠) ط. الريان.