للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يعبر عنه بتصرف الفضولي، وقد سبق لنا أن المذهب لا يجوز تصرف الفضولي، إلا في مسائل معدودة، منها هذه المسألة، فإن الصحابة قضوا بأن الزوج الأول له الخيار بين أن يأخذها أو يدعها للزوج الثاني بعقده الأول (١).

وإذا اختار أَخْذَها، فهل يضمن للثاني مهره أو لا؟ لا يضمن للثاني؛ لأن الثاني دخل على بصيرة أنها زوجة مفقود، والمفقود من الجائز أن يرجع، فنقول: أنت الذي فرطت وحينئذٍ ليس لك شيء، والدليل على هذا آثار عن الصحابة قالوا في امرأة المفقود: تتزوج، وإذا قدم زوجها فهو بالخيار، والوارد عن الصحابة لا فرق بين ما قبل الدخول وبعده، وهذا هو مقتضى القياس؛ لأننا إن قلنا: إن العقد صار باطلاً بتبين أن زوجها موجود، فلا فرق بين أن يطأها الثاني أو لا يطأها، وإن قلنا: إن العلة أنه لما عقد عليها فإن زوجها قد تطيب بها نفسه للزوج الثاني، إما حياءً منه وإما كراهةً لهذه الزوجة التي تزوجت ولم تنتظر، أو لسبب من الأسباب، فهنا لا فرق ـ أيضاً ـ بين ما قبل الدخول وبين ما بعده، ولهذا كان القياس الصحيح والنظر الصحيح ما جاء عن الصحابة من التخيير مطلقاً؛ لأن الزوج الأول أملك بها؛ لأنها زوجته.

فإذا قيل: لماذا تخيرونه، ولا تبطلون النكاح مطلقاً، كما قال به بعض العلماء، فتكون للأول بكل حال ـ إذا قدم ـ بدون تفصيل؟

نقول: نخيره؛ لأن الحق له، والإنسان إذا جاء وزوجته


(١) سبق تخريجه ص (٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>