«ويرجع الثاني عليها بما أخذه منه» أي: يرجع الثاني على الزوجة بما أخذه الزوج الأول منه، إذاً صار الزوج الثاني ما عليه غرم؛ لأن الغرم الذي غرمه للأول يرجع به على الزوجة؛ ووجه ذلك أن الصداق الذي أعطاها الزوج الأول دخل عليها، وإذا كان دخل عليها فلترده.
والصحيح أنه لا يرجع عليها بشيء إلا أن تكون قد غَرَّته، وكيف تغرُّه؟ يعني لم تُعلِمْه أنها زوجة مفقود، فحينئذٍ إذا أخذ الزوج الأول صداقه من الزوج الثاني رجع الثاني عليها، وأما بدون غرور فإنه لا يرجع عليها بشيء؛ لأنه هو الذي فوَّتها على زوجها الأول، وإن كان النكاح لا بد فيه من رضاها، لكن حقيقة الأمر أنه هو الذي صار منه نوع من التعدي على حق الأول.
الخلاصة: أن امرأة المفقود تتربص مدة انتظاره، ثم تعتد للوفاة، ثم إن شاءت تزوجت، فإن بقي زوجها على فقده فالنكاح بحاله، وإن رجع ففيه تفصيل ـ على المذهب ـ إن كان قبل وطء الثاني فهي للأول، وإن كان بعده خُيِّر الأول بين أخذها وتركها، فإن أخذها لم يحتج إلى تجديد عقد، ولكنه لا يطأ حتى تنتهي عدة الثاني، وإن تركها للثاني فالثاني لا يحتاج إلى تجديد عقد، بل يتركها بالعقد الأول، وللأول أن يأخذ من الثاني قدر الصداق الذي أعطاها، ويرجع الثاني عليها بما أخذ.
والصواب في هذه المسألة أن الزوج الأول بالخيار مطلقاً، سواء قبل وطء الثاني أو بعده، فإن أبقاها للثاني فهي له ويأخذ منه صداقه، ولا يرجع الثاني عليها بشيء وإن أخذها فهي له.