للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] وهذا الرجل ليس بينه وبين هذه المرأة محرمية، فإذا تمت الشروط صح النكاح.

وقال بعض العلماء: لا تحل له أبداً، وهذا مروي عن أمير المؤمنين عمر (١) عقوبةً له على فعله، حيث نكحها وهي في العدة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾، والقاعدة الفقهية عند أهل الفقه: «من تعجَّل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه»، فهذا الرجل تعجَّل الزواج من هذه المرأة المعتدة فيعاقب بأن يحرم إياها.

وقال بعض العلماء: تحل له إذا شرعت في عدته، فإذا انقضت عدة الأول حلت للثاني؛ لأن العدة له والماء ماؤه فتحل له، وقد سبق في المحرمات في النكاح أن المعتدة من شخص والمستبرأة منه، إذا كان اعتدادها من وطء يلحق فيه النسب بالواطئ فإنها تحل له.

وعندي أن هذه المسألة ينبغي أن يرجع فيها إلى اجتهاد القاضي، ما دام رويت عن أمير المؤمنين عمر وهو معروف بسياسته، فإذا رأى القاضي أن يمنعه منعاً مؤبداً عقوبةً له وردعاً لغيره فلا حرج عليه كأن يكون تعمد فعل المحرم بأن تزوجها في العدة، ويكون هذا من باب التعزير، والتعزير يجوز بأن يُتلف على المرء ما يحبه المرء كالتعزير بالمال، وكما عزَّر عمر المطلقين ثلاثاً بإمضاء الثلاثة عليهم (٢).


(١) أورده ابن حزم في المحلى (٩/ ٤٧٨).
(٢) سبق تخريجه ص (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>