للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة، حتى لو كان الراضع أكبر من المرضعة، فهذا شيخ كبير له ستون سنة رضع من امرأة شابة لها عشرون سنة مرة واحدة، يكون ولداً لها، وهذا رأي الظاهرية؛ لأنهم لا يرون سناً ولا عدداً فمتى حصل الرضاع فهو مؤثر، ودليلهم الإطلاق في قوله: ﴿وَأُمَهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾، ولقصة سالم مولى أبي حذيفة، وكان أبو حذيفة قد تبناه قبل أن يبطل التبني، يعني اتخذه ابناً له، وصار كابنه تماماً، يدخل البيت وزوجة أبي حذيفة لا تحتجب عنه، فلما أبطل الله التبني صار سالم أجنبياً من المرأة، فجاءت سهلة تشتكي إلى النبي وتقول: إن سالماً كان أبو حذيفة قد تبناه، يدخل علينا ونكلمه، وقد بطل التبني فقال لها النبي : «أرضعيه تحرمي عليه» (١)، وهو كبير يقضي الحوائج، فقالوا: وهذا رضع وهو كبير، وقد حكم النبي بأنه مؤثر، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعلى هذا فإذا كانت امرأة وأحبت أن تكشف لهذا الرجل، تقول له: تعال أنا أرغب أن أكشف لك، وأن تخلو بي، وأن أسافر معك، ارضع!

ويبقى إشكال كيف يرضع من ثديها وهو ليس محرماً لها؟! فلو جعل يرضع من الثدي وله عشرون سنة ستحصل فتنة بلا شك، فنقول: الحمد لله يوجد مخرج، كل يوم تجمع له قلة حليب من ثديها لمدة خمسة أيام، ويشربه، فيكون ولداً لها، وهذا القول كما ترى فيه شبهة؛ ولكن نقول: حديث سالم يعارض منطوق حديث: «لا رضاع إلا ما أنشز العظم وكان قبل الفطام» (٢)، فاختلفوا في الجواب عنه، فقال بعضهم: إنه منسوخ،


(١) سبق تخريجه ص (٤٢٩).
(٢) سبق تخريجه ص (٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>