هذا يتنزَّل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ [الطلاق: ٦] فإن طلبت دون أجرة المثل وأبى هو إلاّ أجرة المثل، فلا يلزم الزوج قبول التنازل؛ لأنه سيكون فيه مِنَّة عليه ولو في المستقبل، فربما في يوم من الأيام تقول: نعم هذا جزائي، الناس يرضعون بمائة ريال وأنا أرضعت بثمانين ريالاً.
قوله:«ولو أرضعه غيرها مجاناً» أي: أن أم الطفل، سواء قلنا: إنها في حباله على المذهب، أو إنها مطلقة على القول الراجح، إذا وجدنا من يرضعه مجاناً وأبت هي إلا بأجرة المثل، فهنا يجبر الزوج بأن ترضعه أمه ويدفع لها الأجرة؛ وعلة ذلك أن لبن الأم أنفع من لبن غيرها، ولأن حنوَّ الأم على ولدها أشد، ولأنه إذا ارتضع منها فإنه يألفها ويحبها، وكل هذه مصالح مقصودة للشرع.
قوله:«بائناً كانت أو تحته»«بائناً» خبر «لكانت» واسمها مستتر، أي سواء كانت في حبال الزوج أو تحته، وعبر المؤلف بقوله:«بائناً» دون قوله: مطلقة؛ لأن المطلقة الرجعية في حكم الزوجات، والبائن هي من كانت في عدة لا رجعة فيها، أو من انتهت عدتها.
وسبق أن شيخ الإسلام ﵀ يخالف في هذه المسألة، ويقول: إنها إذا كانت تحته فليس لها أجرة.
قوله:«وإن تزوجت آخر فله منعها من إرضاع ولد الأول» مثاله: امرأة طلقها زوجها وهي حامل فوضعت، وبعد انتهاء العدة