للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النَّوم» (١)، فزعموا: أن التثويب إنما يكون في الأذان الذي يكون في آخر الليل؛ لأنهم يُسمُّونه «الأوَّل»، وقالوا: إن التثويب في الأذان الذي يكون بعد الفجر بدعة.

فنقول: إنَّ الرَّسول يقول: «إذا أذَّنت الأوَّلَ لصلاة الصُّبح»، فقال: «لصلاة الصُّبح»، ومعلوم أن الأذان الذي في آخر الليل ليس لصلاة الصُّبْح، وإنما هو كما قال النبيُّ : «ليوقظ النَّائمَ ويرجع القائمَ» (٢). أما صلاة الصُّبح فلا يُؤذَّن لها؛ إلا بعد طلوع الصُّبح، فإن أذَّنَ لها قبل طُلوع الصُّبْح فليس أذاناً لها؛ بدليل قوله : «إذا حضرت الصَّلاةُ فليؤذِّنْ لكم أحدُكُم … » (٣). ومعلومٌ أنَّ الصَّلاة لا تحضُر إلا بعد دخول الوقت، فيبقى الإشكال في قوله: «إذا أذَّنت الأوَّل» فنقول: لا إشكال، لأنَّ الأذان هو الإعلام في اللُّغة، والإقامةُ إعلامٌ كذلك، فيكون الأذان لصلاة الصُّبحِ بعد دخول وقتها أذاناً أوَّل.

وقد جاء ذلك صريحاً فيما رواه مسلم عن عائشة في صلاة النبيِّ في الليل قالت: «كان ينام


(١) رواه عبد الرزاق رقم (١٨٢١)، وأحمد (٣/ ٤٠٨)، وأبو داود، كتاب الصلاة: باب كيف الأذان، رقم (٥٠١)، والنسائي، كتاب الأذان: باب الأذان في السفر، (٢/ ٧) رقم (٦٣٢)، عن أبي محذورة.
قال النووي: «حديث حسن»، «الخلاصة» رقم (٨١٠).
(٢) رواه البخاري، كتاب الأذان: باب الأذان قبل الفجر، رقم (٦٢١)، ومسلم، كتاب الصيام: باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، رقم (١٠٩٣) من حديث ابن مسعود.
(٣) تقدم تخريجه ص (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>