وإن قالوا: نريد أن نقتله ونشفي صدورنا منه فلهم ذلك.
وعلى هذا فنقول لأولياء المقتول بالسحر: إن شئتم أعطيناكم هذا الساحر فاقتلوه أنتم قصاصاً، وإن شئتم قَتَلَه وليُّ الأمر حداً، ولكم الدية.
فإن سحره حتى ذهب بعقله فهنا عليه الدية، كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ في دية المنافع.
الثامنة: قوله: «أو بِسُمٍّ» أي: أو يقتله بسُمٍّ، وذلك بأن يضع له السُّم في ماء، أو في طعام ويسقيه إياه وهو لا يعلم، فإن علم أن فيه سُمّاً وأكله، أو شربه، فهو هدر، لكن إن كان لا يعلم فيكون الذي وضع له السم قاتلاً عمداً.
فإن قتله بزجاج وضعه داخل الطعام فإنه عمد؛ لأنه يقتل غالباً، حتى أن بعض الناس إذا لم يقتل الهرة بالسم قتلها بالزجاج؛ لأنه أحياناً إذا وُضع له السم وأكله تقيأه وسلم منه، لكن إن وضع له الزجاج، فإن تقيأه لم يسلم، وإن ابتلعه لم يَسْلم.
التاسعة: قوله: «أو شهدت عليه بينة بما يوجب قتله» لم يقل: بما يبيح قتله، وبينهما فرق.
قوله:«ثم رجعوا وقالوا: عمدنا قتله» فإذا شهدوا بما يوجب قتله، كأن شهدوا بأنه زنا وهو محصن ـ وزِنا المحصن يوجب الرجم ـ فحَكَم القاضي بشهادتهم، ورُجم هذا المشهود عليه، ثم رجعوا وقالوا: نحن راجعون عن شهادتنا، ومتعمدون لقتله، فهنا يكون قتله عمداً.