وقوله:«فالقتل أو الدية عليهما» القتل أي: القصاص، و «أو» للتنويع لا للتخيير.
فالقتل إذا اختير، أو الدية إن عفي عنه.
وقوله:«عليهما» أي: على القاتل ومن أكرهه؛ لأن المكرِه ملجئ، والمكرَه أراد قتل غيره لاستبقاء نفسه، فكل منهما ظالم، فصار القود أو الدية عليهما.
وقيل: الضمان على المكرَه وحده؛ لأنه ليس له الحق في أن يقتل غيره لاستبقاء نفسه، فيقول للذي أكرَهه مثلاً: لا أقتله أبداً، وافعل ما شئت، ولو أن تقتلني، أما أن أتعمد أن أقتل نفساً محرّمة لمجرّد أنك أكرهتني فهذا لا يمكن، وليس هذا من حق الله الذي عفا الله عنه عند الإكراه، فهذا حق آدمي، ولهذا فهذا القول قوي جداً.
وقيل: إن الضمان على المكرِه؛ لأن المكرِه ملجئ، والمكرَه مضطر، ولولا إكراه ذلك ما قتله، ولكن هذا التعليل بالنسبة إلى تعليل القول بأنه على المكرَه ضعيف جداً لا يقابله.
فالصواب: أنه إما على المكرَه، أو عليهما جميعاً، وحينئذٍ ينظر القاضي إلى ما هو أصلح للناس في هذه المسألة، فإن قتلهما جميعاً، ورأى أن المصلحة تقتضي ذلك فليفعل.
وهذا ما لم يكن المكرَه كآلة، فإن كان المكره كآلة فإن الدية أو القود على المكرِه، ومعنى قولنا:«كآلة» مثل أن يأخذ الرجلُ رجلاً نشيطاً، فيمسكه، ويضرب به رجلاً آخر، فمات فهنا القود أو الدية على القاتل؛ لأن هذا صار كالآلة لا يستطيع أن يتخلّص.