يمكن أن نعبر فنقول:«إن وجد ما يرضعه» حتى يشمل العاقل وغير العاقل، فإذا كان يتغذى بلبن العلب فإنه يقام عليها الحد، إلاّ إذا قيل: إن غذاءه بلبن أمه أفضل، فهنا يجب مراعاة مصلحة الطفل.
وقوله:«وإلاّ تركت حتى تفطمه» دليل ذلك قصة الغامدية ﵂ التي حصل منها الزنا، فحملت فأجّلها النبي ﵊ حتى وضعت الولد، فلما وضعته جاءت به إلى النبي ﷺ تريد أن يقيم عليها الحد، فأجّلها حتى تفطمه، فلما فطمته جاءت به وفي يده كسرة من الخبز يأكلها، فلما رآها ﵊ أمر بإقامة الحد عليها، فانظر كيف جادت بنفسها ﵂ وجاءت بالطفل ومعه الخبز حتى يتيقن النبي ﷺ بنفسه، ويرى بعينه أنه قد فطم، فلما أقيم عليها الحد كان ممن ضربها خالد بن الوليد ﵁ فنضح دم من دمها في وجهه، فسبَّها ﵁، لكنه ﵊ وبَّخه، وقال:«لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وَجَدْتَ أفضل من أن جادت بنفسها لله ﷿؟!»(١).
فهذا دليل على أن من وجب عليها حَدٌّ يؤدي إلى أن يتلف ما في بطنها، أو أنه يحتاج إلى لبن ولم يرضع، فإنه يُنتظر إلى أن يرضع، ويكون هذا من باب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما، وارتكاب أدنى المفسدتين؛ لأن تأجيل القصاص،
(١) أخرجه مسلم في الحدود/ باب من اعترف على نفسه بالزنا (١٦٩٦) (٢٤) عن عمران بن حصين ﵁.