للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾، فقوله: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ﴾ علم منه أن لمن له القصاص أن يعفو ويأخذ الدية، ولهذا قال: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ هذا من القرآن، ومن السنة قول النبي ﷺ: «فمن قُتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يقاد وإما أن يودى» (١)، أي: إما أن يقاد للمقتول، وإما أن تؤدى ديته.

وقوله ﷺ: «بخير النظرين» صريح بأن الخيار لأولياء المقتول؛ لقوله: «من قتل له قتيل» وعلى هذا فلا خيار للقاتل، فلو قال القاتل: اقتلوني، أنا أريد أن يكون المال لورثتي، فلا خيار له، بل الخيار لأولياء المقتول؛ وذلك لأن هذا الجاني معتدٍ ظالم فلا يناسب أن يعطى خياراً، وأما أولياء المقتول فقد اعتدي عليهم، وأهينت كرامتهم بقتل مورثهم، فكان لهم الخيار؛ ولهذا يقول المؤلف: «ويخير الولي بينهما».

قوله: «وعفوه» أي: ولي المقتول.

قوله: «مجاناً» أي: بدون مقابل.

قوله: «أفضل» من القصاص، ومن الدية.

فالمراتب ثلاث: قصاص ودية وعفو مجاناً، فهذه الثلاث يخير فيها أولياء المقتول.

ويوجد شيء رابع اختلف فيه أهل العلم، وهو أن يصالح عن القصاص بأكثر من الدية، وسيأتي في كلام المؤلف إن شاء الله تعالى، ونبين ما هو الحق في ذلك.


(١) أخرجه البخاري في الديات/ باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين (٦٨٨٠)، ومسلم في الحج/ باب تحريم مكة
وصيدها (١٣٥٥) (٤٤٧) عن أبي هريرة ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>