وله أن يعود إلى الدية، فإن قال: عفوت، وأطلق، فالمذهب أن له الدية، والقول الثاني في المذهب: أنه ليس له قصاص ولا دية؛ لأنه عفو مطلق.
ودليل المذهب أن العفو المطلق ينصرف إلى الأشد، وهو القصاص، ويمكن أن نرد على هذا بأن نقول: إن العفو المطلق مقتضاه أن لا يجب على المعفوِّ عنه شيء، والناس يعرفون أنه إذا قال: عفوت عنه، أو سامحته، أو ما أشبه ذلك، أن المعنى أنني لا أطالبه بشيء، اللهم إلا إذا دلّت قرينة على أن المراد بالعفو العفو عن القصاص، كأن يُسأل: هل ستقتل فلاناً، فقال: لا، سامحته، فربما نقول: إذا وجِدت قرينة تدل على أن المراد العفو عن القصاص، لا مطلقاً عُمل بها، وأما إذا نظرنا إلى مجرَّد اللفظ، فإن مجرَّد اللفظ يقتضي العفو مطلقاً، فلا يستحق دية ولا قصاصاً.
الثالثة: إذا هلك الجاني أي: مات، فهنا تتعين الدية، ولا يمكن القصاص، وعليه فتتعين الدية في أربع صور:
الأولى: إذا اختار الدية.
الثانية: إذا عفا عن القصاص.
الثالثة: إذا عفا مطلقاً.
الرابعة: إذا هلك الجاني.
ومن ذلك لو قتل هذا الجاني أربعة أشخاص، تعلق به أربع رقاب، فإذا اختار أولياء المقتول الأول القصاص وقتل، فهنا يتعين للآخرين الدية، ولهذا لو قتل رجل أربعة أنفس فأولياء المقتولين كُلٌّ له حق، لكن نبدأ بالأول فالأول.