للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يقتص من عضو الجاني بدل عضو المجني عليه حتى يبرأ عضو المجني عليه.

وقوله: «ولا يقتص» لم يبين هل هذا حرام، أو مكروه؟ فيحتمل أنه حرام ويحتمل أنه مكروه، والمشهور من المذهب أنه حرام، وأنه لا يجوز أن يقتص حتى يبرأ، ودليل ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رجلاً طعن رجلاً بقرنٍ في ركبته، فجاء المطعون وطلب من النبي أن يقتص منه، ولكنَّه نهاه، فألح عليه، فاقتص منه، ثم جاء الرجل المجني عليه بعد مدة فقال: يا رسول الله، عرجت ـ أي: إن الجناية سرت ـ فقال له النبي : «قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عرجك»، ثم نهى رسول الله أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه (١).

والقول الثاني: أن النهي للكراهة والإرشاد؛ ووجه ذلك أننا نقول للمجني عليه: انتظر ربما تسري جنايتك، فالجناية لم تستقر بعد، فمن المصلحة لك أن تنتظر، وإذا كان النهي للإرشاد فإنه لا يحرم، وهذا أحد قولي الشافعي أنه يجوز أن يقتص قبل البرء، واستدل لقوله بأن الرسول أقاد الرجل، ولو كان حراماً ما أقاده.

ولكننا نقول في نفس الحديث: «ثم نهى رسول الله أن يقتص من جرح حتى يبرأ».

قوله: «كما لا تطلب له دية»، أي: أن الجرح والعضو لا يقتص منه قبل برئه، ولا تطلب له دية، وذلك من أجل أن نعرف الجناية واستقرارها.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢١٧)، والدارقطني (٣١١٤) ط/ الرسالة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الحافظ في
البلوغ (١٠٨٣): «أعل بالإرسال»، وصححه الألباني في الإرواء (٢٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>