وأما إذا كان السلطان من ذوي العدل والرحمة الذين إذا قلت: لا أستطيع قال: إذن نطلب غيرك، فإنه لا ضمان عليه في هذه الحال؛ لأنه كسائر الناس، فلم يُكرهه.
فإذا كان الآمر هو الضابط في الجيش، أو الشرطة، وقال لأحد الجنود: اصعد عمود الكهرباء هذا وركِّب لنا المصباح، فقال الجندي: لا أستطيع، فقال له الضابط: حاول الصعود، ولم يُكرهه أو يضربه، فصعد الجندي ثم سقط فهنا يضمن الضابط؛ لأن أوامره عند الجنود واجبة الطاعة، ومخالفته توجب العقوبة، من حبسه أو توقيفه أمام الجنود، أو عزله، أو تنزيل رتبته، فالمهم أن هذا يكون كالإكراه.
قوله:«كما لو استأجره سلطان» يعني أن السلطان لو استأجر أحداً ليصعد شجرة، أو ينزل بئراً فهلك به لم يضمنه، وهذا واضح.
والمؤلف هنا قاس ما يشتبه فيه على ما هو واضح، فقال:«كما لو استأجره سلطان»، ووجه ذلك أنَّ الأمر غير عقد الإجارة، لأن عقد الإجارة الرضى فيه واضح، وليس فيه آمِر ومأمور؛ إذ إنَّه عقد تام بين شخصين برضىً منهما، وليس أحدهما آمراً للآخر، وعدم الضمان فيه ظاهر جداً، فهو كما لو استأجره سلطان على أن يصعد شجرة، أو ينزل بئراً لهلك به فلا ضمان، فكذلك لو أمره، والجامع بينهما هو الرضا وعدم الإكراه في كل منهما، فهنا قاس ما يشتبه فيه على ما لا يشتبه فيه، وقد اشتهر عند العامة التفريق بين الاستئجار وغيره، فقالوا: إن استأجرته