للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى لا يظهر كفرهم، ولكنهم ﴿يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ أي: يعرضون، ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقًا *﴾، أي: أردنا أن نحسن وأن نوفِّق بين الشريعة والوضيعة، وهل هم صادقون؟ قال سبحانه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا *﴾ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٦٣ ـ ٦٤] لا ليتلاعب بأحكامه وتترك، ويراد التحاكم إلى الطاغوت.

واعلم أنَّ الناس لو جعلوا التحاكم إلى الله ورسوله ، وحكَّموا الله ورسوله في كل شيءٍ لصلحت أحوالهم، ولكنها تفسد بمقدار ما أبعدوا عن الدين، فيظنون أن هذا الفساد بسبب تمسكهم بما تمسكوا به من الدين، فَيُوغِلُون في الإعراض عن دين الله، وعن التحاكم إلى الله ورسوله ، وهذا هو الواقع، يظنون أن ما أصابهم من الخلل الاقتصادي، والمادي، والتخلف المعنوي، والعسكري، بسبب ما هم عليه من أحكام الشريعة، والحقيقة أنه بسبب ما قاموا به من مخالفة الشريعة، ولو أنهم وافقوا الشريعة، لكانت هذه شريعة الله العادلة القاهرة الغالبة، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الصف: ٩] ﴿لِيُظْهِرَهُ﴾ بمعنى لِيُعْليه، ولسنا بحاجة إلى بيان ذلك؛ لأن هذا معلوم بالتاريخ، فلمَّا كانت الأمة متمسكة بدين الله، لا تقاتل إلاَّ بكتاب الله وسنة رسوله مستعينة بالله ﷿، سقطت الأديان والإمبراطوريَّات أمامها،

<<  <  ج: ص:  >  >>