للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعيفاً ـ «أن ديتهم ثلثا عشر دية المسلم» (١) وأنه قدِّر بثمانمائة درهم.

وذهب بعض العلماء إلى أن دية الكتابي وغيره كدية المسلم، وقال: إن الأحاديث المفرِّقة في صحتها نظر، والآية الكريمة قال الله فيها: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾، وقال: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: ٩٢]، فقال: «دية» في الموضعين، والأصل عدم الفرق حتى يقوم دليل صحيح على ذلك.

ولأنَّ كلًّا منهما آدمي، ومن الممكن أن يهدي الله هذا الكافر حتى يكون كالمسلم، وإذا كنا لا نفرِّق بين أَعْبَدِ الناس وأطوعهم لله، وبين أفسق الناس وأفجرهم، فكذلك لا نفرق بين الكافر والمسلم، وهذا يدل على أن الدِّين لا دخل له في الدية ولا يعطي تقويماً فيها، وعلى هذا تكون دية المسلم والكافر ـ أياً كان نوعه ـ سواء.

وذهب آخرون إلى قول وسط، وهو أنَّ الكفار كلهم على النصف من دية المسلم، واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي قال: «عقل الكفار نصف عقل المسلمين» (٢) وهذا عام، قالوا: وتخصيص الكتابي ببعض الألفاظ لا يقتضي تخصيص الحكم أو تقييده؛ لأن القاعدة في العام والخاص: «أن


(١) أخرجه البيهقي (٨/ ١٠١) عن عقبة بن عامر وضعفه.
(٢) سبق تخريجه ص (١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>