للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل نقول: من لزمته دية إنسان وجبت عليه كفارته؟

والجواب: نقول كما قال المؤلف: «من قتل» لأن الدية قد تجب بدون قتل، ففي ذهاب السمع دية كاملة، وكذلك البصر، فالتعبير بالقتل لا بد منه، ودليله القرآن قال تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً﴾.

وقوله: «نفساً» هذه نكرة في سياق الشرط فتكون عامة، لكنها خصصت بأوصاف تمنع القول بالعموم.

وقوله: «من قتل نفساً» هذا يشمل حتى لو قتل نفسه، فلو أن شخصاً كان يعبث بسلاح ثم ثار به وقتله فإنّ عليه الكفارة، وليس عليه الدية، لعموم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً﴾ وهو مؤمن ويسمَّى قاتلاً؛ لأن الرسول قال: «من قتل نفسه بحديدة عذب بها» (١) فهو قاتل لنفس مؤمنة فيلزمه الكفارة، وهذا هو المشهور من المذهب، وجزموا به، وقالوا: إنه يجب أن تؤدَّى الكفارة مِنْ تَرِكَتِه، لعموم الآية.

والقول الثاني: أن الكفارة لا تجب على من قتل نفسه، واستدلوا بقصة عامر بن الأكوع في غزوة خيبر حين تقدم عامر ليبارز مَرْحَبا اليهودي، فلما أراد عامر أن يطعنه من الأسفل، كان سيفه قصيراً فعاد السيف وضرب عين ركبة عامر فنزف الدم ومات، فلما مات شك الناس فيه، وقالوا: بطل أجر عامر، حتى إن بعضهم توقف عن الدعاء له، قال سلمة بن


(١) أخرجه البخاري في الجنائز باب ما جاء في قاتل النفس (١٣٦٣)، ومسلم في الإيمان باب غلظ قتل الإنسان نفسه

… (١١٠) عن ثابت بن الضحاك .

<<  <  ج: ص:  >  >>