لأنه لم يقل: في رفع دعوى، ولا قال: في قتل، بل قال: في دعوى، ولذلك كانت في جانب المدعي.
وقوله:«في دعوى قتل» أفادنا المؤلف أن القسامة لا تكون في دعوى جَرح، ولا في دعوى مال، وإنما تكون في دعوى قتل فقط، فالمال وما دون القتل ليس فيه قسامة كالجروح والأعضاء وما أشبه ذلك.
فلو أن رجلاً ادعى على عدوِّه أنه قَطَعَ يدَه، والعداوة بينهما ظاهرة بيِّنة، فإنَّنا لا نجري القسامة في ذلك؛ لأن القسامة إنما جاءت في القتل، وأما الأعضاء، والأطراف، والجروح فليس فيها قسامة، ولكننا نقول لهذا المدعي: هل لك بيِّنة؟ أو يُقر المدًّعَى عليه، أو يحلف، وينتهي الأمر.
والدليل على امتناع القسامة في دعوى الأعضاء والجروح تعليل، وهو أن القسامة إنما وردت في دعوى القتل، وهي خارجة عن الأصول والقياس، وما خرج عن الأصول والقياس فلا يقاس عليه، وإنما يقتصر فيه على ما ورد؛ لأنه لا مدخل للعقل فيه، وهذا هو المذهب.
وقال بعض أهل العلم: بل تجرى القسامة في دعوى قطع الأعضاء، والجروح، وعللوا ذلك بأنه لمَّا جرت القسامة في القتل، وهو أعظم من قطع العضو أو الجرح، كان جريانها فيما دون ذلك من باب أولى.
وليست القسامة خارجة عن الأصول، بل الأصول تشهد لها؛ لأننا لو لم نعمل بالقسامة لضاعت الدماء، وهتكت