للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول بعض الملحدين والزنادقة: إننا لو قطعنا يد السارق لأصبح نصف الشعب مقطوعاً، نقول: لو قطع واحد لارتدع الآلاف، ولَمَا كان هناك سرقة، لكن ابن آدم ـ لقصور نظره ـ ينظر إلى الحاضر، ولا ينظر إلى المستقبل.

وقال تعالى في قطاع الطريق: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾ [المائدة: ٣٣] «إنما» أداة حصر، يعني ما جزاؤهم إلا هذا.

وقال عمر وهو يخطب الناس على منبر الرسول الله : «وإني أخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله» (١)، وما أنكر عليه الناس أبداً بل أقروه؛ لأنها فريضة من فرائض الله يجب أن تنفذ.

ولو أن إنساناً كريماً، وشريفاً، وطيباً، ومن عائلة طيبة، سوَّلت له نفسه أن يسرق ربع دينار، وثبت عليه ذلك، فالواجب أن يقام عليه الحد، فيقام الحد على الشريف، وعلى الوضيع، وعلى الغني، والفقير، والذكر، والأنثى، والحر، والعبد، لا فرق؛ لأن الله ﷿ لم يفرق، فما دام سرق فهذا جزاؤه؛ بل لو قال قائل: إن سرقة هذا الشريف لولا أن الله حدَّ حداً، لقلنا: تقطع يده ورجله؛ لأنه شريف، فتدنُّسُهُ بالسرقة أعظم من


(١) أخرجه البخاري في الحدود باب الاعتراف بالزنا (١٨٢٩)، ومسلم في الحدود باب رجم الثيب في الزنا (١٦٩١)
عن ابن عباس .

<<  <  ج: ص:  >  >>