قوله:«ثُمَّ التَّعْزِيرُ» يعني ثم جلد التعزير، وكم جلد التعزير؟
المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات إلا في مسائل يأتي ذكرها ـ إن شاء الله تعالى ـ في باب التعزير، وعلى هذا فيكون التعزير من عشر جلدات فأقل، يعني لو وجدنا رجلاً قد سهر مع امرأة طول الليل، وهو يقبلها ويضمها، ويجامعها فيما دون الفرج، مستمتعاً معها غاية التمتع، إلا أنه لم يجامعها، وعثرنا عليهما في الصباح، وأقرَّا بذلك، فنجلدهما عشر جلدات، ومن أهون الجلد!! لكن سيأتينا أن هذا القول ضعيف جداً، ولا تقوم مصالح الناس، ولا تدرأ المفاسد بمثل هذا القول أبداً.
إذاً شدة الجلد مرتبة على كثرته؛ لأن الكيفية تابعة للكمية، فأشد الجلد جلد الزنا، ثم القذف، ثم الشرب، ثم التعزير.
قوله:«وَمَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ فَالحَقُّ قَتَلَهُ»«من» شرطية، وجواب الشرط «فالحق قتله» وهذه العبارة عبارة أثرية، بمعنى أنها قيلت من زمان سابق، واتبع الناس فيها الأول، والمعنى أنه قُتل بحق، ومن قُتِل بحق فليس بمضمون.
وقد سبق لنا في الجنايات قاعدة مفيدة في هذا الباب، وهي ما ترتب على المأذون فليس بمضمون.
وقوله:«من مات في حد»«في» للظرفية، فلا بد أن يكون ذلك في نفس الحد، فلو زاد الإنسان على الحد كمية أو كيفية فإنه يكون ضامناً، فلو جلد بسوط صلب قوي جديد، لكن لم يتجاوز العدد ومات المجلود فيضمن؛ لأنه ليس في إطار الحد بل تجاوز، وكذلك لو جلده مائة جلدةٍ وجلدةً يضمن؛ لأنه زاد،