للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أن نعاقب من نشك في ارتكابه الجريمة فإن هذا لا يجوز، فمعناه أننا حققنا شيئاً لأمر محتمل، غير محقق، وهذا يكون حكماً بالظن، والله تعالى يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢] لا سيما أن مثل هذه العقوبة بالنسبة للشخص سوف تحط من سمعته بين الناس، ومن عدالته، فالمسألة ليست بالهينة، وعلى هذا فإذا وُجدت أي شبهة تكون عذراً لهذا الزاني، فإنه لا يجوز لنا أن نقيم عليه الحد.

وأما حديث: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين بالشبهات ما استطعتم» (١) فحديث ضعيف لا تقوم به الحجة، وما أكثر ما يعتمد عليه المتهاونون في إقامة الحدود، كلما جاءت حدود قد تكون مثل الشمس، قالوا: قال النبي : «ادرؤوا الحدود بالشبهات» حتى يجعلوا ما ليس شبهة شبهة، ونحن في اعتمادنا على الحديث نحتاج إلى أمرين:

الأول: ثبوت الحديث، الثاني: تحقيق المناط، هل هذا شبهة، أو غير شبهة؟

ولكن العلة التي ذكرناها علة واضحة، أنه لا يجوز أن


(١) أخرجه الترمذي في الحدود باب ما جاء في درء الحد (١٤٢٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٢٣٨) عن
عائشة ، قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي،
وهو ضعيف في الحديث، والحديث ضعفه البيهقي، وصححه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٤/ ٤٢٦)، وانظر: نصب الراية (٣/ ٣٣٣)، وخلاصة البدر المنير (٢٣٨٣)، والتلخيص (١٧٥٥)، والإرواء (٢٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>