للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعزر للاعتداء، ولا مانع من أن يكون أحد الزانيين يقام عليه الحد والثاني لا يقام عليه، كمن زنا بامرأة دون البلوغ فهي لا تحد والرجل يحد.

وقوله: «أو أكرهت المرأة على الزنا» علم من كلامه أنه لو أكره الرجل أقيم عليه الحد، كإنسان عنده أمة، ورأى هذا الرجل اللبيب، الشاب، الجميل، وقال: أريد أن يزني بها، لينجب ولداً مثله، وأكرهه على الزنا، فالمذهب أنه يحد.

قالوا: لأن الإكراه في حق الرجل لا يتصور؛ لأنه لا جماع إلا بانتشار، ولا انتشار إلا بإرادة، والإرادة رضا وليست إكراهاً، فلما لم يتصور الإكراه في حقه صار الحد واجباً عليه، ولا يعارض هذا الحديثَ: «وما استكرهوا عليه» (١)؛ لأنهم يقولون: هذا الرجل ما استكره، بل رضي.

ولكن القول الراجح بلا شك أنه لا حد عليه، وأن الإكراه موجود، الرجل يقال له: افعل بهذه المرأة وإلا قتلناك، وتأتي أمامه بثياب جميلة، وهي شابة وجميلة، فهذا من أبلغ ما يكون من الإكراه، ومهما كان فالإنسان بشر، فالصواب بلا شك أنه لا حد عليه، وإذا لم تكن مثل هذه الصورة من الشبهة، فأين الشبهة؟! هذه هي الشبهة الحقيقية، فرجل معروف بأنه إنسان


(١) أخرجه ابن ماجه في الطلاق/ باب طلاق المكره والناسي (٢٠٤٣) عن أبي ذر ، ولفظه: «

إن الله تجاوز لي عن أمتي … »، وأخرجه عن ابن عباس (٢٠٤٥)، ولفظه: «إنَّ الله وضع عن
أمتي … »، وصححه ابن حبان (٧٢١٩)، وصححه الحاكم (٢/ ١٩٨) على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>