للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال قائل بقول وسط بأنه إذا اشتهر الأمر واتضح فإنه يُكتفى فيه بالإقرار مرة واحدة، بخلاف ما لم يشتهر فإنه لا بد فيه من تكرار الإقرار أربعاً، وعلى هذا يكون هذا القول آخذاً بالقولين، فيشترط التكرار في حال، ولا يشترط في حال أخرى.

قوله: «فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ» هذا هو الشرط الثاني، وأشار المؤلف إلى مجلس أو مجالس؛ لأن بعض أهل العلم يقول: لا بد أن يكون ذلك في مجلس واحد، وأما إذا كان في مجالس فلا يصح، كما سيأتي في الشهادة.

قوله: «وَيُصَرِّحَ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الوَطْءِ» فيصرح المُقِر بذكر حقيقة الوطء، لا كناية الوطء، فيقول: إنه ناكها بهذا اللفظ، ولا يكفي أن يقول: أتيتها، أو جامعتها، أو زنيت بها؛ لأن قوله: «أتيتها» يمكن أتاها زائراً، ففيه احتمال، و «جامعتها» يعني اجتمعت معها في مكان، ولهذا يقال: التنوين لا يجامع الإضافة، والمعنى أنه لا يصاحبها ولا يجتمع معها، كذلك «زنى بها» لا يكفي، فربما يظن أن ما ليس بزنا زنا، مثل أن يظن التقبيل زنا، والنظر زنا، والاستمتاع بما دون الفرج، وما أشبه ذلك، ولهذا لا بد أن يصرح، ولما قال الرسول لماعز: «لعلك قبَّلت، أو نظرت، أو غمزت»، قال: لا، فقال له النبي : «أنكتها؟» (١) بهذا اللفظ لا يكني، فالرسول ما كنَّى، مع أنه ما عُهد عنه أنه تكلم بصريح الوطء، إلا في هذه المسألة، فقال له: «أتدري ما


(١) أخرجه البخاري في الحدود/ باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت (٦٨٢٤)، عن ابن عباس رضي
الله عنهما، وقد مر تخريجه ص (٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>