لكن لو قال قائل: إذا كانت الوسيلة حاصلة لرسول الله ﷺ، فما الفائدة من أن ندعو الله له بها؟
فالجواب: لعلَّ من أسباب كونها له دُعاءُ النَّاس له بذلك، وإن كان ﷺ أحقَّ الناس بها. ولأن في ذلك تكثيراً لثوابنا؛ وتذكيراً لحقِّه علينا.
وفي هذا الدُّعاء عِدَّة مسائل:
المسألة الأولى: أن النبيَّ ﷺ بشرٌ لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضَرًّا، ووجهه: أننا أمرنا بالدُّعاء له.
المسألة الثانية: أن الرَّسول ﵊ أفضل البشر؛ لأنَّ الوسيلة لا تحصُل إلا له خاصَّة، ومعلومٌ أن الجزاء على قَدْرِ قيمة المجزيِّ، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١].
المسألة الثالثة: الإشكال في قوله: «آتِ محمَّداً»، ولم يقل:«آتِ رسول الله»، فكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣] على أحد التفسيرين في أنَّ المعنى لا تنادوه باسمه كما يُنادي بعضكم بعضاً؟
والجواب: أن النهي في الآية عن مناداته باسمه، وأما في باب الإخبار فلا نهيَ في ذلك.
وفي الآية قولٌ آخر؛ وهو أن قوله: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣] من باب إضافة المصدر إلى فاعله لا إلى مفعوله، يعني: لا تجعلوا دُعاءَ الرَّسول إيَّاكم