أما الذين قالوا: لا يشترط أن يكونوا في مجلس واحد، فقالوا: إن الآية عامة ﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور: ١٣]، وهؤلاء الشهداء الأربعة أتوا إلى القاضي، وأثبتوا شهادتهم، فأين في كتاب الله، أو في سنة رسول الله ﷺ اشتراط أن يكون في مجلس واحد؟
وقولكم: إنه يُخشى من التمالؤ ينتقض عليكم بقولكم: إنهم يُقبلون، سواء أتوا الحاكم جملة، أو متفرقين؛ لأنه ربما يتمالأ هؤلاء الذين شهدوا في الساعة الأولى مع الذين شهدوا في الساعة الثالثة، أو الرابعة مثلاً، ولو أنكم قلتم كما قال أبو حنيفة وجماعة من أهل العلم: إنه لا بد أن يأتوا الحاكم ويدلوا بشهادتهم مجتمعين في مجلس واحد، يعني أنهم إذا جاؤوا متفرقين فإنهم قَذَفَة، فعندنا ثلاثة أقوال:
الأول: اشتراط المجلس الواحد وحضورهم جميعاً.
الثاني: عدم اشتراط المجلس.
الثالث: اشتراط المجلس الواحد دون الحضور، وهذا هو المذهب عندنا، ولكن القولين الآخرين أقرب للقاعدة، إما أن نشترط أن يأتوا جميعاً ويشهدوا، وإما ألا نشترط ذلك، والأقرب إلى النصوص أنه لا يشترط؛ لأنها عامة.
وعلى هذا فيكون قوله:«في مجلس واحد» على القول الراجح ليس بشرط.
وقوله:«بزنا واحد» يعني لا بد أن يشهدوا على زنا واحد،