وقوله:«محصناً» نكرة في سياق الشرط، فتعم ما إذا كان المحصن امرأة أو رجلاً، فتكون كلمة محصن بمعنى شخصاً محصناً، وقدَّرنا ذلك من أجل الشمول والعموم.
وقوله:«محصناً» ظاهره أن ذلك شامل لقذف الولد والده، فيجلد ثمانين جلدة، فإذا قذف والده فقال: يا زانٍ ـ والعياذ بالله ـ فإنه يجلد حد القذف؛ لأن قذف الولد الوالد شنيع جداً.
ويشمل كلام المؤلف: قذف الوالد ولده، فالوالد إذا قذف ولده، قال له: أنت لوطي، أنت زانٍ، أنت فاعل لشيء من هذه الخبائث، وما أشبه ذلك، فعلى كلام المؤلف يجلد الوالد؛ لأنه أطلق فقال:«محصناً» وهذا خلاف المذهب، فالمذهب أن الوالد إذا قذف ولده فإنه لا يجلد به، كما أنه لو قتله لا يقتص به، وقد سبق لنا أن هذه المسألة فيها خلاف.
والصواب أن قذف الوالد لولده يجب فيه الحد، سواء قلنا: إنه حق لله، أو للآدمي؛ لأننا إذا قلنا: إنه حق لله، فالأمر فيه ظاهر؛ لأنه لا سُلْطَة للوالد على ولده فيه، وإذا قلنا: إنه حق للآدمي، فإننا نقول: إن الولد إذا لم يرضَ بإسقاط حقه فإن له المطالبة به، فكما أن له أن يطالب والده بالنفقة، فهذا مثله، فلمَّا أهدر كرامة ولده، وأهانه أمام الناس، فليقم عليه الحد، والآية عامة.
ويدخل في كلام المؤلف من قذف نبياً، وقد قيل: إن من قذف نبياً فليس عليه إلا الحد، ولكن هذا القول ضعيف، والصحيح أن من قذف نبياً فإنه يكفر ويقتل كفراً، فإن تاب فإنه يقتل حداً، وليس كفراً؟ والفرق بين القِتْلتين: