اشترى نفسه من سيده، مثاله: رجل له عبد، فقال له العبد: أعتقني، قال: ما أعتقك، أنا اشتريتك بألف درهم، قال: كاتبني أي: بع نفسي عليَّ، قال: كاتبتك على أن تعطيني ألف درهم، وأنت حر.
فهذه المكاتبة، وقد أشار الله تعالى إليها في القرآن في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣]، أي: صلاحاً في الدين، وكسباً في المال، وهنا الصحيح أن الأمر على سبيل الوجوب، وأن العبد إذا طلب المكاتبة وجب على السيد أن يكاتبه؛ لأن الله أمر بذلك، والأصل في الأمر الوجوب، لكن بهذا الشرط، ﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ أي: صلاحاً في دينهم ودنياهم، والصلاح في الدين معروف، والصلاح في الدنيا هو الكسب.
لكن لو جاء العبد يقول: كاتبني، وأنا أعرف أني إذا كاتبته ذهب إلى دور البغايا، ودور السينما، والملهيات وما إلى ذلك، أو ترك الصلاة، فإننا لا نكاتب هذا.
أو قال: كاتبني، وأنا أعرف أنني إذا كاتبته صار عالة على الناس؛ لأنه ليس بمكتسب، فهنا لا نكاتبه.
فالمكاتب يملك، ولهذا يملك التصرف، فإذا كاتبته وقلت: كاتبتك بكذا وكذا درهماً، فله أن يبيع، ويشتري، ويؤجر، ويستأجر، ويصبح كالحر، فإذا سرق السيد من مال مكاتبه، يقول المؤلف: إنه لا يقطع، والشبهة أنه لا زال ملكه عليه، كما جاء في الحديث الذي يروى عن النبي ﷺ: «المكاتب عبد ما بقي