للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقياس: قالوا: لأن هذا حد يتضمن إتلافاً، فكان أحقَّ بالتكرار من الزنا الذي لا يتضمن الإتلاف إلا في المحصن.

ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن قول الرسول له: «ما إخالك سرقت» أراد بذلك الاستثبات، والقول يثبت على الإنسان بشهادته على نفسه، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النساء: ١٣٥]، وقد سبق لنا بيان أن تكرار الإقرار ليس بشرط في باب حد الزنا، فهذا مثله وأولى؛ ولذلك كان اشتراط تكرار الإقرار هنا من مفردات مذهب الإمام أحمد، كما ذكره صاحب الإنصاف.

وقوله: «أو إقرار مرتين» مراده بيان الأقل أي: إقرار لا ينقص عن مرتين، فإن زاد كان أقوى.

الشرط الثاني: الاستمرار، وإليه أشار المؤلف بقوله:

«وَلَا يَنْزِعَ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتى يُقْطَعَ» ونصبت «ينزع»؛ لأنه عطف على اسم خالص، قال ابن مالك:

وإن على اسمٍ خالصٍ فعلٌ عطفْ … تنصبه أن ثابتاً أو منحذفْ

وشاهده قول الشاعر:

ولبسُ عباءةٍ وتقرَّ عيني … أحبُّ إلي من لُبس الشفوف

والاسم الصريح هو «إقراره» ولا ينزع أي: وعدم نزعه، ويجوز الرفع على أنها استئنافية.

والمعنى أي: لا يرجع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، وقاسوا ذلك على الزنا، وقد سبق أن القول الراجح أنه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>