واشترط المؤلف ﵀ في القطع أن يأخذوا من المال قدر ما يقطع به السارق، وظاهر كلامه أنهم لو أخذوا دون ذلك فلا قطع، وإنما يحكم لهم بحكم من لم يأخذ شيئاً، وهذا أحد القولين في المسألة.
والقول الثاني: أنهم إذا أخذوا المال ولو أقل مما يقطع به السارق، فإنه يتحتم قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف؛ لأن هذا ليس بسرقة بل هذا جناية أعظم، ولا يقاس الأعظم على الأدنى، وأيضاً محل العقوبة في السرقة اليد، ومحل العقوبة هنا اليد والرجل، ولا يمكن أن يقاس الأغلظ عقوبة على الأهون عقوبة، وهذا مذهب مالك وهو الصحيح، وعموم الأثر الوارد عن ابن عباس ﵄ يدل على ذلك (١).
وقياسها على السرقة غير صحيح؛ لأنه مخالف في الجناية ومخالف في العقوبة، وإذا كان مخالفاً في الجناية والعقوبة فلا يمكن أن يقاس الأغلظ على الأهون.
وتقطع اليد من مفصل الكف، والرِّجل من مفصل العقب، والعقب يبقى ولا يقطع؛ لأننا لو قطعنا العقب لأجحفنا به؛ ولقصرت الرجل، وتعثر المشي.
والعقب هو العرقوب أي: مؤخر القدم، الذي تحت الكعب.
وتقطع اليد اليمنى؛ إذ إن الأصل في الأخذ والإعطاء هو اليمين.
(١) أخرجه الشافعي في مسنده (١٣٩٤)، وعنه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٢٨٣)، وانظر: الإرواء (٨/ ٩٢).