للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه فإننا نرفع عنه القتل، لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨]، وهذا عام، ولحديث أسامة في قصة المشرك الذي لحقه أسامة حتى أدركه، فلما علاه بالسيف قال: لا إله إلا الله، فقتله أسامة، فأخبر النبي بذلك، فقال له: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟!» قال: نعم يا رسول الله، إنما قالها تعوُّذاً، قال: «قتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله؟!» قال: نعم، فما زال يرددها عليه حتى قال أسامة: تمنيت أني لم أكن أسلمت بعد (١)، مع أن الرجل حسب ما يظهر ـ والعلم عند الله ـ قالها تعوذاً، لكن فيه احتمال أنه قالها عن صدق، وأنه لما رأى الموت قالها، وهذا ليس كالذي حضره الأجل؛ لأنه من الممكن أن يمتنع القادر عن قتله، فلا يقال: إن هذا ينافي الآية: ﴿حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ [النساء: ١٨]؛ لأنه من الجائز أن هذا الذي شهر عليه السلاح أن يرحمه ويكف عنه، لكن إذا حضره الأجل لم يعد هناك وقت للتوبة.

فهؤلاء المحارِبون إذا تابوا قبل القدرة عليهم ارتفع عنهم الحد.

وهل مثل ذلك جميع الحدود؟ نعم؛ كل الحدود إذا تاب الإنسان منها قبل القدرة عليه سقطت عنه، فإن طَالَبَ بإقامتها


(١) أخرجه البخاري في المغازي باب بعث النبي أسامة … (٤٢٦٩)، ومسلم في الإيمان باب
تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله (٩٦) عن أسامة بن زيد

<<  <  ج: ص:  >  >>