للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممتنع صار من ادعى خلافه فعليه البينة، وإلا فيقتل، ويوم القيامة يحكم بينهم الحكم العدل ﷿، أما نحن في الدنيا فليس لنا إلا الظاهر فقط، وهذا لا شك أنه جارٍ على قواعد الشرع في ظاهر الأمر.

ولكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إنه يجب أن ينظر في القرائن؛ لأن وجود البينة في مثل هذه الحالات متعسر، أو متعذر، ولأن هذا يقع كثيراً، أن يصول الإنسان على أحد، ثم يدافع المصول عليه عن نفسه حتى يصل إلى درجة القتل، فينظر في هذا إلى القرائن، فإذا كان المقتول معروفاً بالشر والفساد، والقاتل معروفاً بالخير والصلاح فالقول قول القاتل، وحينئذٍ لا ضمان عليه؛ لأن قول الرسول : «البينة على المدعي» (١) هذا بالاتفاق، والبينة كل ما أبان الحق وأظهره، وإذا قامت القرينة القوية الظاهرة على صدق الدعوى فإنه يجب العمل بمقتضاها، كما قلنا في دعوى الرجل لباساً في يد غيره، وهو ليس عليه لباس؛ فإن القول قول المدعي، كما لو رأينا رجلاً ليس عليه غترة، وآخر يلبس على رأسه غترة وأخرى بيده، وهو هارب والآخر يركض وراءه، يقول: أعطني غترتي، فهذه قرينة ظاهرة تؤيد دعوى المدعي فيعمل بها، وكذلك في مسألة القسامة ففيها قتل، لكنها مبنية على القرينة، فجعلت الأيمان في جانب


(١) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٥٢)، وقال الحافظ في البلوغ (١٤٠٨): «إسناده صحيح» وأصله في الصحيحين من
حديث ابن عباس بلفظ: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين
على المدعى عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>