و «ينقمون»، أي: ينكرون، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ﴾ [البروج: ٨] أي: ما أنكروا منهم إلا ذلك.
فعلى الإمام أن يراسلهم لا يقاتلهم ولا يقتلهم، فيرسل إليهم شخصاً موثوقاً مَرْضِيّاً عند الجميع، فيتفاهم معهم، ويسألهم ما ينقمون.
قوله:«فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَزَالَهَا» لأن خروجهم من أجل إزالة المظالم خروج بتأويل سائغ، فالإنسان لا يجوز له أن يظلم الناس، وإن كان له السلطة العليا عليهم؛ لأن إزالة الظلم واجبة، سواء طولب به من جهة الشعب، أم لم يطالَب به، فإن الله ﷿ يقول:«يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا»(١)، هكذا جاء في الحديث القدسي الذي رواه النبي ﷺ عن ربه، فيجب عليه إزالتها، وأن يرد المظالم إلى أهلها، ويمنع الظلم المستقبل، وهذا وإن كان واجباً عليه من الأصل؛ لأن الظلم محرم، لكن إذا كان بعد طلب هؤلاء ازداد وجوباً؛ لحقن دماء المسلمين؛ لأنه لو أصر على أن يبقى على مظلمته لحاربه هؤلاء، وحصل الشر.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن تكون المظلمة عامة أو خاصة.
مثال العامة: أن يضع ضرائب على الناس في تجارتهم، أو أن يلزمهم بهدم بيوتهم، وبنائها على الشكل الذي يريد، أو
(١) أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم (٢٥٧٧) عن أبي ذر ﵁.