للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يَاأَيُّهَا الْمَلأَُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: ٣٨]، يقول ذلك عن مكابرة، فالمكابر لا فائدة فيه، وإلا فكيف يمكن لأي عاقل، يتدبر أدنى تدبر أن ينكر ربوبية الله ﷿؟!

فهذا الكون العظيم بسمائه وأرضه، ونجومه، وشمسه، وقمره، وبحاره، وأنهاره، وأشجاره، وجباله، ووهاده، أحد لا يخلقه؟! لو اجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا مثل أصغر نجمة وكوكب في السماء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولو جاءت جميع معدات الخلق لتبعث هذا الهواء، الذي يعم المنطقة، ويأتي بهذه الريح العاصفة التي تقلع الأشجار، وتهدم الخيام ما يستطيعون، مَنْ الذي جاء بها إلا الله ؟! ولكني أقول: المكابر المعاند لا فائدة من مجادلته؛ لأنه سيقول: لا أُسَلِّم، وينصرف، فالذي يجحد ربوبية الله لا شك أنه كافر، وهو أعظم من الذي يشرك مع الله؛ لأن المشرك أثبت بعض الحق، ولكن هذا أنكر كل الحق، فمن جحد ربوبية الله فلا شك في كفره.

قوله: «أو وحدانيته» كذلك من جحد وحدانيته، ولعل المؤلف يريد بالواحدنية هنا وحدانية الألوهية؛ لأنه لو أراد بجحد الواحدنية الشرك لكان تكراراً مع قوله: «فمن أشرك بالله»، لكن لما ذكر الربوبية، ثم الوحدانية، ثم الصفات، فالظاهر أنه يريد بالوحدانية هنا وحدانية الألوهية، يعني من أنكر أن الإله هو الله وحده فقد كفر، مثل أن يعتقد، أو يقول، أو يفعل ما يدل على أنه يرى أن هناك معبوداً يستحق أن يعبد سوى الله، مثل الذين يعبدون اللات والعزى ومناة، يعبدونها يتقربون إليها بالذبح والركوع والسجود، أما الدعاء فهو من العبادة، وله تعلق بالربوبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>