هذا ليس في التوراة، ولا في الإنجيل، فهذا لا يكفر؛ لأن هذا كذب قطعاً، فإنه ليس في التوراة، ولا في الإنجيل أن رسالة محمد ﷺ خاصة بالعرب، بل كلها تدل على أنها عامة، فقوله:«بعض كتبه» أي: التي ثبت أنها من كتب الله ﷿، فإذا أنكر بعضها فهو كافر.
فإذا قال قائل: لماذا لا نقول: إن هذا يتبعض، فإذا أنكر بعض الكتاب وآمن بالبعض، قلنا: هو مؤمن بما آمن به، وكافر بما كفر به، كما تقولون فيما إذا عمل معصية لا تصل إلى الكفر: كان مؤمناً بإيمانه، فاسقاً بكبيرته؟
فالجواب: هذا إيمان وليس بعمل، فالعمل يمكن أن يتبعض، لكن الإيمان لا يتبعض، بمعنى أن من أنكر شيئاً من الكتب فهو كإنكار الجميع، قال الله ﵎ منكراً على بني إسرائيل: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٨٥]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً *أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِيناً﴾ [النساء:١٥١] فهؤلاء كفار حقاً، فـ ﴿حَقًّا﴾ مصدر مؤكّد لمضمون الجملة، وعامله محذوف وجوباً؛ لأن هذه الجملة هي معنى «حقاً»، ولا يمكن أن يجمع بين العوض والمعوض عنه، كما قال ابن مالك:
ومنه ما يدعونه مؤكداً … لنفسه أو غيره فالمبتدا
نحو: له علي ألف عرفا … والثانِ كابني أنت حقاً صرفا