لكنها فضل من المولى الأجل … لمن يشاء من خلقه إلى الأجل
فالحاصل أن سب الرسول ﵊ سب لمن أرسله، ومنافٍ لحقه الذي هو أوجب الحقوق البشرية، وحقه التعظيم، والإجلال، والتوقير، حتى إن الله ﷿ جعل من أسباب الرسالة، ومن حكمة الرسالة أن نؤمن بالله ورسوله، ونعزره ونوقره: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *﴾ ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: ٨، ٩]، فهذا ركن وأساس وحكمة من حكم إرسال الرسول ﵊، ولا شك أن سبَّ النبي ﵊ مع كونه تنقصاً له ولمن أرسله، فهو أيضاً تنقص لشريعته؛ ولهذا إذا سب أحد من الناس رجلاً فإن سبه ينعكس على منهاجه الذي انتهجه، ويكون نفس المنهاج الذي انتهجه عند الناس منقوصاً؛ لأنه سب من قام بهذا المنهج، فسب الرسول ﵊ إذاً تضمن ثلاثة أمور، كل واحد منها كفر: سب الله، وسب الرسول، وسب شريعته.
قوله:«فقد كَفَرَ» هذه الجملة جواب الشرط في قوله: «فمن أشرك بالله» والمراد كفر كفراً مخرجاً عن الملة، ولا نقول: إنه كفر كفراً دون كفر؛ لأن هذا الباب باب حكم المرتد، يعني الكافر كفراً مطلقاً.
ثم انتقل المؤلف لنوع آخر من أسباب الردة، وهو الجحد، ويدخل في الاعتقاد؛ لأن الجحد إن كان بالقلب فهو في الاعتقاد، وإن كان باللسان فهو من القول، فقال المؤلف: