للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع كثيراً، بل حتى غير العامي مع الذهول، وشدة الموقف ربما يعزب عن باله أن يريد دفع الإكراه.

الشرط الرابع: أن يكون مريداً للكفر، فلو جرى على لسانه بغير قصد فإنه لا يكفر؛ لأنه لم يرده، ويؤخذ هذا من قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾؛ لأن غير المريد لم يشرح بالكفر صدراً، مثل أن ينطق بالكفر لشدة فرح، أو غضب، أو ما أشبه ذلك.

ودليله ما ثبت عن رسول الله في قصة الرجل الذي انفلتت دابته في فلاة من الأرض، وعليها طعامه وشرابه، فطلبها فلم يجدها، فنام تحت شجرة ينتظر الموت، فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة، فأخذه، وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح (١)، فهذه الكلمة كلمة كفر، ولكنه لم يردها، وعليه فلا بد أن يكون مريداً للكفر، فإن كان غير مريد فلا، وبناء عليه نقول: لو أنه حكى كلمة الكفر ولم يقصد معناها، مثل أن يقول: ما تقول في رجل قال: كذا وكذا، ولكنه ما أراد المعنى، أو يحكي كفراً سمعه فإنه لا يكفر لأنه غير مريد.

الشرط الخامس: أن يكون عالماً بالحال والحكم، أما كونه عالماً بالحال، فأن يعلم أن هذا القول أو الفعل مُكفِّر، فإن لم يعلم أنه مُكَفِّر فلا يكفر، مثل أن يتكلم رجل بكلمة كفر، وهو لا يدري ما معناها، كأن يتكلم رجل عربي بكلمة الكفر في لسان العجم، وهو لا يدري أن معناها الكفر، فهذا لا يكفر.


(١) سبق تخريجه ص (٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>