للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ضيقنا عليه ثلاثة أيام فإن لم يسلم قُتل، ولكن هاتين المسألتين فيهما ثلاث روايات عن أحمد:

الأولى: أنه يقتل بلا تأجيل، ولا استتابة، فإذا كفر قتلناه مباشرة ما لم يسلم.

الثانية: أنه يدعى إلى الإسلام، لكن بدون تأجيل.

الثالثة: أن يستتاب مع التأجيل، وهذا هو المشهور من المذهب، ولكن يضيق عليه.

والنصوص تدل على أنه يقتل لقوله ﷺ: «من بدّل دينه فاقتلوه (١)»، ولقوله: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاثة»، ومنها: «التارك لدينه المفارق للجماعة» (٢)، ولأنه كفر وارتد، لكن إن رأى الإمام المصلحة في تأجيله واستتابته فعل ذلك؛ لأنه قد يرى المصلحة في هذا، فقد يكون هذا الرجل سيداً في قومه، وقتلُهُ يثير فتنة عظيمة، وقد يكون هذا الرجل يحتاج إليه المسلمون لكونه ماهراً في صناعة شيء ما، أو قائداً محنكاً في الطائرات الحربية، أو ما أشبه ذلك، فيرى الإمام أن يستتاب، فالصحيح من هذه الروايات الثلاث أنه يقتل فوراً، إلا إذا رأى الإمام المصلحة في تأجيله ثلاثة أيام فإنه يستتاب، وأما الآثار الواردة عن عمر بن الخطاب ﵁ وغيره في الاستتابة (٣)، فإنها تحمل على أنهم رأوا في ذلك مصلحة.


(١) سبق تخريجه ص (٤٥٣).
(٢) سبق تخريجه ص (٤١).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ (١٤٤٥)، والشافعي في مسنده (٣٢١)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٢٠٦) عن عمر
﵁، وأخرجه عن علي ﵁ البيهقي (٨/ ٢٠٦) وضعفه، وانظر: نصب الراية (٣/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>