للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً﴾ [النساء:١٣٧]، وانتفاء المغفرة عنهم لعدم قبول توبتهم، ولو قبل الله توبتهم لغفر لهم؛ ولأنه لما كذب في التوبة الأولى يمكن أنه كذب في المرة الثانية، فقد يكون هذا الرجل متلاعباً يكفر اليوم، ثم يتوب غداً فلا تقبل.

والتكرار يحصل باثنتين وهو المذهب، وقيل: لا بد أن يكون ثلاثاً، وهو رواية عن أحمد.

وقال بعض العلماء: إذا علمنا صدق توبته قبلناها ولو تكررت، وقد أخبر النبي عن الرجل الذي أذنب ذنباً فتاب منه، ثم أذنب فتاب، ثم أذنب فتاب، فقال الله ﷿: «علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ به، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء» (١)، فهذا رجل يتكرر منه الذنب وقبل الله توبته، فإذا علمنا أنه صادق في التوبة فما المانع من القبول؟!.

وأجابوا عن دليل الأولين، فقالوا: إن الآية الكريمة ليس آخرها أن الرجل تاب، بل آخرها ﴿ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا﴾، فهؤلاء الذين ازدادوا كفراً ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ يعني لا يوفقهم الله للتوبة، فليس المعنى أنهم إذا تابوا لم يتب الله عليهم، ولكن لا يوفقون ما داموا ـ والعياذ بالله ـ غير مستقرين على أمر، والنهاية أنهم ازدادوا كفراً، فهؤلاء يبعد كل البعد أن يوفقوا للتوبة.

وأما قولهم: إنه قد يكون كاذباً في التوبة، فنقول: هذا غير


(١) أخرجه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا﴾ … ﴾ (٥٧٠٧)، ومسلم في التوبة باب
قبول التوبة من الذنوب … (٢٧٥٨) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>