للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام: «ابدأ بنفسك» (١)، فلا يجوز أن يؤثر غيره؛ لوجوب إنقاذ نفسه من الهلكة قبل إنقاذ غيره، هذا هو المشهور من المذهب.

وذهب ابن القيم إلى أنه يجوز في هذه الحال أن يؤثر غيره بماله، ولكن المذهب في هذا أصح، وأنه لا يجوز، اللهم إلا إذا اقتضت المصلحة العامة للمسلمين أن يؤثره، فقد نقول: إن هذا لا بأس به، مثل لو كان هذا الصاحب المحتاج رجلاً يُنتفع به في الجهاد في سبيل الله، أو رجلاً عالماً ينفع الناس بعلمه، وصاحب الماء المالك له، أو صاحب الطعام رجل من عامة المسلمين، فهنا قد نقول: إنه في هذه الحال مراعاة للمصلحة العامة له أن يؤثره، وأما مع عدم المصلحة العامة فلا شك أنه يجب على الإنسان أن يختص بهذا الطعام الذي لا يمكن أن ينقذ به نفسه، وصاحبه.

وإذا كان طعام الإنسان كثيراً وَوَجَدَ مضطراً إليه فإنه يجب أن يبذله له وجوباً.

فالخلاصة: أنه إذا اضطر إلى عين مال الغير، فإن كان الغير مضطراً إليه فهو أحق به، ولا يؤثر غيره به، وإذا كان غير مضطر إليه وجب أن يبذله لهذا المضطر وجوباً، وهل يبذله مجاناً أو بالقيمة؟

الجواب: فيه خلاف بين العلماء، قال بعضهم: يجب أن


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٤٤)، والنسائي في قطع السارق/ باب الثمر يسرق بعد أن يؤويه الجرين (٤/ ٨٥)، وأبو داود في اللقطة/ باب التعريف باللقطة (١٧١٠)، والترمذي في البيوع/ باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمرة للمار بها (١٢٨٩)، وابن ماجه في الحدود/ باب من سرق من الحرز (٢٥٩٦)، والحاكم (٤/ ٣٨٠)، والبيهقي (٤/ ٣٤٤)، والحديث حسنه الترمذي، وصححه الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>